فصل: أحاديث الخصوم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث الخصوم

أخرج البخاري ‏[‏في ‏"‏باب إذا طول الامام، وكان للرجل حاجة‏"‏ ص 97، ومسلم في ‏"‏باب القراءة في العشاء‏"‏ ص 187‏.‏‏]‏ ومسلم عن جابر‏:‏ أن معاذًا كان يصلي مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عشاء الآخرة، ثم رجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، هذا لفظ مسلم ‏[‏قوله‏:‏ تلك الصلاة، أخرجه مسلم من طريق عمرو بن دينار‏.‏ وأبو داود عن عبيد اللّه بن مقسم عن جابر في ‏"‏باب إمامة من صلى بقوم، وقد صلى تلك الصلاة‏"‏ ص 95‏]‏، وفي لفظ البخاري‏:‏ فيصلي بهم الصلاة المكتوبة، انتهى‏.‏ ذكره في ‏"‏كتاب الأدب ‏[‏لم أجده في ‏"‏البخاري‏"‏ فضلًا عن ‏"‏كتاب الأدب‏"‏ واللّه أعلم‏.‏‏]‏‏"‏، ولأصحابنا عنه أجوبة ‏[‏سئل أحمد عن رجل صلى في جماعة، أيؤم بتلك الصلاة‏؟‏ قال‏:‏ لا، ومن صلى خلفه يعيد، قيل له‏:‏ فحديث معاذ‏؟‏ قال‏:‏ فيه اضطراب، إذا ثبت، فله معنى دقيق، لا يجوز مثله اليوم، كذا في ‏"‏طبقات الحنابلة‏"‏ ص 53‏.‏‏]‏، استوفاها الشيخ تقي الدين في ‏"‏شرح العمدة‏"‏‏:‏ - أحدها‏:‏ أن الاحتجاج به من باب ترك الإِنكار من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وشرط ذلك علمه بالواقعة، وجاز أن لا يكون علم بها، ويدل عليه ما رواه أحمد في ‏"‏مسنده ‏[‏هذا الحديث رواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 74 - ج 5، والطحاوي في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ص 238 من حديث معاذ نفسه، في حديث أحمد قصة، ورواها ابن حزم من طريق أخرى في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 330 - ج 4، وهي‏:‏ أن سليمان صاحب هذه القصة قتل بأحد، اهـ‏.‏ وأعل ابن حزم هذا الحديث، بأنه منقطع، لأن معاذ بن رفاعة لم يدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم، ولا أدرك هذا الذي شكى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمعاذ، اهـ‏.‏ وقال في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 71 - ج 2‏:‏ رواه أحمد، ومعاذ بن رفاعة لم يدرك الرجل الذي من بني سلمة، لأنه استشهد بأحد، ومعاذ تابعي، واللّه أعلم، ورجال أحمد ثقات، اهـ‏.‏ قلت‏:‏ معاذ بن رفاعة هذا، هو معاذ بن رفاعة الزرقي، كما هو مصرح في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ وهو أنصاري أيضًا، كما في ‏"‏مسند أحمد‏"‏ ومعاذ بن رفاعة الأنصاري الزرقي من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، شهد غزوة قريظة مع النبي صلى اللّه عليه وسلم على فرس، وفي التابعين معاذ بن رفاعة رجل آخر، قاله ابن حجر في ‏"‏الاصابة‏"‏ قلت‏:‏ هو معاذ بن رفاعة بن رافع بن مالك ابن العجلان، ذكره ابن سعد ‏"‏في طبقاته‏"‏ ص 204 - ج 5‏.‏

‏]‏‏"‏ عن معاذ بن رفاعة عن سليم، رجل من بني سلمة، أنه أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ يا رسول اللّه إن معاذ بن جبل يأتينا بعد ما ننام، ونكون في أعمالنا بالنهار، فينادي بالصلاة، فنخرج إليه، فيطوِّل علينا، فقال له عليه السلام‏:‏ ‏"‏يا معاذ‏!‏ لا تكن فتانًا، إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف على قومك‏"‏، فدل على أنه كان يفعل أحد الأمرين، ولم يكن يجمعهما، لأنه قال‏:‏ ‏"‏إما أن تصلي معي‏"‏ أي، ولا تصل بقومك، ‏"‏وإما أن تخفف على قومك‏"‏، أي، ولا تصل معي‏.‏ الوجه الثاني‏:‏ أن النية أمر باطن لا يطلع عليه إلا بإِخبار الناوي، ومن الجائز أن يكون معاذ كان يجعل صلاته معه عليه السلام بنية النفل، ليتعلم سنة القراءة منه، وأفعال الصلاة، ثم يأتي قومه فيصلي بهم الفرض، ويؤيده أيضًا حديث أحمد المذكور، قال ابن تيمية في ‏"‏المنتقى‏"‏‏:‏ وقوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف عن قومك‏"‏ ظاهر في منع اقتداء المفترض بالمتنفل، لأنه يدل على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته، وبالاجماع لا تمتنع إمامته بصلاة النفل معه، فعلم أنه أراد به صلاة الفرض، وأن الذي كان يصليه معه كان ينويه نفلًا، وأجيب عن هذا العذر، بوجهين، أحدهما‏:‏ الاستبعاد عن معاذ، أن يترك فضيلة الفرض خلف النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ويأتي به مع قومه، قالوا‏:‏ وكيف يظن بمعاذ، بعد سماعه قول النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة‏"‏، وفي لفظ للطبراني‏:‏ إلا التي أقيمت، أن تصلي النافلة مع قيام المكتوبة، ولعل صلاة واحدة مع النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ خير له من كل صلاة صلاها في عمره‏.‏ والثاني‏:‏ أنه وقع في رواية الشافعي، ومن طريقه الدارقطني، ثم البيهقي‏:‏ هي له تطوع، ولهم فريضة، رواها الشافعي في ‏"‏سننه - ومسنده ‏[‏الشافعي في ‏"‏كتاب الأم‏"‏ ص 153 - ج 1 بكلا طريقيه، والدارقطني‏:‏ ص 102 من طريق أبي عاصم‏.‏ وعبد الرزاق عن ابن جريج به، والطحاوي‏:‏ ص 237، والبيهقي‏:‏ ص 86 - ج 3 من طريق أبي عاصم عن ابن جريج به‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 4‏)‏‏:‏ - الحديث الحادي والسبعون‏:‏ روى أنه عليه السلام‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏‏"‏ أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار، أخبرني جابر بن عبد اللّه الأنصاري، قال‏:‏ كان معاذ بن جبل يصلي مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ العشاء، ثم ينطلق إلى قومه فيصليها بهم‏:‏ هي له تطوع، ولهم فريضة، انتهى‏.‏ قال البيهقي‏:‏ قال الشافعي‏:‏ لا أعلمه يروى من طريق أثبت من هذا، ولا أوثق رجالًا، قال البيهقي‏:‏ وكذلك رواه أبو عاصم النبيل‏.‏ وعبد الرزاق عن ابن جريج، وذكرا فيه هذه الزيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، وقد رويت من طريق آخر عند الشافعي في ‏"‏مسنده‏"‏ أخبرنا إبراهيم بن يحيى الأسلمي عن ابن عجلان عن عبيد اللّه بن مقسم عن جابر، فذكر نحوه، قلنا‏:‏ أما الاستبعاد فليس بقدح، سيما، وفي الحديث ما يؤيد المستبعد، كما بيناه، وأما هذه الزيادة، فليست من كلام النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وإنما هي من الرواة، ولعل من الشافعي ‏[‏هذا ليس بصواب، لأن طريق الدارقطني‏.‏ والطحاوي‏.‏ والبيهقي خال عن الشافعي، وفيه الزيادة‏.‏

قلت‏:‏ هذا الحديث أخرجه مسلم في ‏"‏باب كراهية الشروع في نافلة، بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة‏"‏ ص 247 من طريق عمرو بن دينا مرفوعًا، وفيه قال حماد‏:‏ ثم لقيت عمرًا فحدثني به، ولم يرفعه، اهـ‏.‏ ورواه الطحاوي من طريق حماد بن سلمة‏.‏ وحماد بن زيد بسنده عن أبي هريرة، بذلك، وقال‏:‏ لم يرفعه، قال‏:‏ فصار أصل الحديث عن أبي هريرة، لا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقال ابن أبي حاتم في ‏"‏العلل‏"‏ ص 112‏:‏ قال أبو زرعة‏:‏ رواه ورقاء‏.‏ وزكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار‏.‏ عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعًا، ورواه ابن عيينة‏.‏ وحماد ابن زيد‏.‏ وحماد بن سلمة‏.‏ وأبان بن عطاء، كلهم عن عمرو بن دينار، ورواه بن علية عن أيوب عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة موقوفًا، قال أبوزرعة‏:‏ الموقوف أصح، اهـ‏.‏ وروى عن أبيه‏:‏ ص 96 أنه صحح الوقف‏.‏‏]‏، فإنها دائرة عليه، ولا تعرف إلا من جهته، فيكون منه ظنًا واجتهادًا، وأما الجواب ‏[‏41‏]‏ عن قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة‏"‏، فقال الشيخ في ‏"‏شرح العمدة‏"‏‏:‏ يمكن أن يقال فيه‏:‏ إن مفهومه أن لا يصلي نافلة غير الصلاة التي تقام، لأن المحذور وقوع الخلاف على الأئمة، وهذا المحذور منتف، مع الاتفاق في الصلاة المقامة، ويؤيد هذا اتفاقهم على جواز اقتداء المتنفل بالمفترض، ولو تناوله النهى لما جاز مطلقًا، انتهى كلامه‏.‏

الوجه الثالث‏:‏ أنه حديث منسوخ، قال الطحاوي يحتمل‏:‏ أن يكون ذلك وقت كانت الفريضة تصلى مرتين، فإِن ذلك كان يفعل أول الإِسلام حتى نهى عنه، ثم ذكرت حديث ابن عمر‏:‏ لا تصلي صلاة في يوم مرتين، قال ابن دقيق العيد، وهذا مدخول من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنه أثبت النسخ بالاحتمال‏.‏ والثاني‏:‏ أنه لم يقم دليلًا على أن ذلك كان واقعًا، أعني صلاة الفريضة في يوم مرتين، قال‏:‏ ولكن قد يستدل على النسخ بتقرير حسن، وذلك أن إسلام معاذ متقدم، وقد صلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بعد سنتين من الهجرة صلاة الخوف غير مرة، على وجه وقع فيه مخالفة ظاهرة بالأفعال المنافية للصلاة، فيقال‏:‏ لو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لأمكن إيقاع الصلاة مرتين على وجه لا يقع فيه المنافاة، والمفسدات في غير هذه الحالة، وحيث صليت على هذا الوجه مع إمكان رفع المفسدات على تقدير جواز اقتداء المفترض بالمتنفل، دل على أنه لا يجوز، وبعد ثبوت هذه الملازمة يبقى النظر في التاريخ، انتهى كلامه‏.‏ وهذا التقرير إنما يمشي على تقدير أنه عليه السلام صلى أربعًا بتسليمة واحدة، وهو ظاهر لفظ حديث جابر في ‏"‏الصحيحين‏"‏، يعني فلو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لصلى بهم الصلاة مرتين، فيصلي بالطائفة الأولى الصلاة كاملة، على وجه لا يقع فيهما شيء من الأشياء المنافية للصلاة ‏"‏أعني في غير هذه الحالة‏"‏، وذلك مثل جلوسهم يحرسون العدو، ورجوعهم إلى الصلاة، وإعادتهم لما فاتهم، فلما لم يصل بهم مرتين على وجه لا يقع فيه ذلك، دل على أنه لا يجوز اقتداء المفترض، فإن ثبت أن هذه الصلاة كانت بعد حديث معاذ، فهي ناسخة له، هذا معنى كلامه‏.‏

وقد فهم بعضهم من حديث جابر أنه سلم من الركعتين، وفسره بحديث أبي بكرة، كما سيأتي، وقال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ ومن ادّعى أن ذلك وقع حين كان الفرض يفعل مرتين في يوم، فقد ادّعى ما لا يعرفه، إذ لم يدل على النسخ سبب‏.‏ ولا تاريخ ‏[‏روى الطحاوي‏:‏ ص 187 عن عمرو بن شعيب عن خالد بن أيمن المعافري، قال‏:‏ كان أهل العوالي يصلون في منازلهم، ويصلون مع النبي صلى اللّه عليه وسلم، فنهاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يعيدوا الصلاة في يوم مرتين، قال عمرو‏:‏ فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال‏:‏ صدق، اهـ‏.‏ وأعله ابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 233 - ج 4 بالارسال، قلت‏:‏ أيمن المعافري، الظاهر أنه أيمن بن عبيد المعافري، أخو سلمة بن زيد لأمه، استشهد يوم حنين، فلا شك أن خالدًا أدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم، راجع ‏"‏نصب الراية‏"‏ ص 101 - ج 2، من أول ‏"‏كتاب السرقة‏"‏ ‏"‏والاصابة‏"‏ ثم لا شك أن الحديث من مراسيل سعيد بن المسيب التي يصححها الشافعي، فلا ينبغي للشافعي أن يقول ما قال‏]‏، وحديث عمرو بن شعيب عن سليمان ‏[‏حديث عمرو بن شعيب هذا أخرجه الطحاوي‏:‏ ص 187‏.‏ وابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 259 - ج 4 من طريقه، وصححه، وفي‏:‏ ص 125 - ج 2 من غير طريق الطحاوي، وأخرجه النسائي في ‏"‏باب سقوط الصلاة عمن صلى مع الامام في المسجد‏"‏ ص 138، وأبو داود في ‏"‏باب إذا صلى في جماعة، ثم أدرك جماعة يعيد‏"‏ ص 93، وأحمد‏:‏ ص 41 - ج 2، والدارقطني‏:‏ ص 159‏.‏‏]‏، مولى ميمونة عن ابن عمر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏"‏لا تصلوا صلاة في يوم مرتين‏"‏ لا يقاوم حديث معاذ، للاختلاف في الاحتجاج بعمرو بن شعيب، والاتفاق على رواة حديث معاذ، وقد كان عليه السلام يرغبهم في إعادة الصلاة بالجماعة، فنجوز أن يكون بعضهم ذهب وهمه إلى أن الإِعادة واجبة، فقال‏:‏ ‏"‏لا تصلوا صلاة في يوم مرتين‏"‏، أي كلتاهما على سبيل الوجوب، انتهى كلامه‏.‏

الوجه الرابع‏:‏ نقله الشيخ في ‏"‏شرح العمدة‏"‏ عن بعضهم، ولم يسمه، وهو أن الحاجة دعت إليه في ذلك الوقت، ولم يكن لهم غنى عن معاذ، ولم يكن لمعاذ غنى عن صلاته مع النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ وهذا يحتمل أن يريد به قائله معنى النسخ، فيكون كما تقدم، ويحتمل أنه مما أبيح بحالة مخصوصة، فيرتفع الحكم بزوالها، ولا يكون نسخًا على كل حال، فهو ضعيف لعدم قيام الدليل على تعيين ذلك، علة لهذا الفعل، ولأن القدر المجزئ من القراءة في الصلاة ليس بقليل، وما زاد عليه فلا يصلح أن يكون سببًا لارتكاب ممنوع شرعًا، واللّه أعلم انتهى كلامه‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 2‏)‏‏:‏ - الحديث الحادي والسبعون‏:‏ روى أنه عليه السلام‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه أبو داود ‏[‏في ‏"‏صلاة الخوف - في باب من قال‏:‏ يصلي بكل طائفة ركعتين‏"‏ ص 184، والنسائي في ‏"‏صلاة الخوف‏"‏ ص 231، والدارقطني‏:‏ والحاكم من طريق الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة ‏"‏صلاة الخوف‏"‏ وفيه تكرار صلاة المغرب، قال الحاكم‏:‏ سمعت أبا علي الحافظ يقول‏:‏ هذا حديث غريب، وقال الحاكم‏:‏ على شرط الشيخين، وقال البيهقي‏:‏ لا أظنه إلا وهمًا، راجع ‏"‏البيهقي‏"‏ ص 260 - ج 3‏.‏‏]‏ عن الحسن عن أبي بكرة، قال‏:‏ صلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في خوف‏"‏ الظهر، فصف بعضهم خلفه‏.‏ وبعضهم بإِزاء العدو، فصلى ركعتين، ثم سلم، فانطلق الذين صلوا معه، فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك، فصلوا خلفه، فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، فكانت لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أربعًا، ولأصحابه ركعتين ركعتين، انتهى‏.‏ فصلاته الثانية وقعت نفلًا له، وفرضًا لأصحابه، وهم الفرقة الثانية، والحديث في مسلم ‏[‏في ‏"‏صلاة الخوف‏"‏ ص 279، قبل ‏"‏كتاب الجمعة‏"‏ وذكره البخاري معلقًا في‏:‏ ص 593، ولم يسنده في ‏"‏كتابه‏"‏ أصلًا، ولقد أخطأ صاحب ‏"‏المشكاة‏"‏ حيث ظن أنه متفق، وله من هذا النوع كثير، وأخرجه النسائي‏:‏ ص 231، وفيه‏:‏ ثم سلم‏]‏ من رواية جابر، وليس فيه التسليم من الركعتين، أخرجه عن أبي سلمة عن جابر، قال‏:‏ أقبلنا على رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حتى إذا كنا بذات ا لرقاع، إلى أن قال‏:‏ ثم نودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال‏:‏ وكانت لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أربع ركعات، وللقوم ركعتان، وذكره البخاري معلقًا في ‏"‏المغازي - في غزوة ذات الرقاع‏"‏، فقال‏:‏ وقال أبان‏:‏ حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر، قال‏:‏ أقبلنا، الحديث، ورواه أيضًا متصلًا بإِسناده، لكن لم يذكر فيه قصة الصلاة، ووهم النووي في ‏"‏الخلاصة‏"‏ فذكره باللفظ المذكور، وقال‏:‏ متفق عليه، انتهى‏.‏ وعزا حديث أبي بكرة، لأبي داود‏.‏ والترمذي، ولم يروه الترمذي أصلًا، ولكني لم أعتمد على النسخة، فليراجع، ولفظ ‏"‏الصحيحين‏"‏ هذا قد يفهم منه أنه لم يسلم من الركعتين، وهو الأقرب، كما فهمه القرطبي في ‏"‏شرح مسلم‏"‏، وقد يفهم منه أنه سلم من الركعتين، ويفسره حديث أبي بكرة، كما فهمه النووي، بل قد جاء مفسرًا من رواية جابر‏:‏ أنه سلم من الركعتين، كما رواه البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏ من طريق الشافعي ‏[‏قلت‏:‏ هذا الحديث أخرجه الشافعي في ‏"‏كتاب الأم‏"‏ ص 153 بهذا الاسناد، وروى النسائي في ‏"‏صلاة الخوف‏"‏ ص 231 عن إبراهيم بن يعقوب حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن جابر بن عبد اللّه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بآخرين أيضًا ركعتين، ثم سلم، اهـ‏.‏ لكن تقدم في ‏"‏فصل الغسل - في الحديث الحادي والثلاثين‏"‏ ص 48 روى الحسن عن جابر بن عبد اللّه أحاديث، ولم يسمع منه، اهـ‏.‏ قال الحافظ في ‏"‏التلخيص‏"‏ ص 140‏:‏ روى ابن خزيمة من طريق جابر‏.‏ وفيه أنه سلم من الركعتين أولًا، ثم صلى ركعتين بالطائفة الأخرى، اهـ وأخرج الدارقطني ص 186، وفيه عنبسة غير منسوب، فلينظر، أهو عنبسة بن سعيد القطان‏.‏ أو عنبسة بن أبي رائطة الغنوي الأعور، الذي ضعفه ابن المديني، راجع له ‏"‏التهذيب‏"‏ وروى الطحاوي من طريق قتادة عن سليمان اليشكري عن جابر رضي اللّه عنه الحديث، وفيه‏:‏ فصلى بالذين يلونه ركعتين، ثم سلم، ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، اهـ‏.‏ ونقل ابن حجر عن ابن معين‏.‏ والبخاري أن قتادة لم يسمع من اليشكري‏.‏‏]‏ أخبرنا الثقة بن علية، أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر‏:‏ أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، كان يصلي بالناس، صلاة الظهر في ‏"‏الخوف‏"‏ ببطن نخلة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم سلم، ثم جاءت طائفة أخرى، فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، انتهى‏.‏ وأخرج الدارقطني عن عنبسة عن الحسن عن جابر، أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان محاصرًا لبني محارب، فنودي بالصلاة، فذكر نحوه، والأول أصح من هذا، إلا أن فيه شائبة الانقطاع، فان شيخ الشافعي فيه مجهول، وأما الثاني‏:‏ ففيه عنبسة بن سعيد القطان الواسطي، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، قال أبو حاتم‏:‏ ضعيف الحديث، يأتي بالطامات، وقال الفلاس‏:‏ كان مختلطًا لا يروى عنه، وقد روى له أبو داود حديثًا مقرونًا بحميد الطويل، وعلى كل حال، فالاستدلال على الحنفية بحديث جابر صحيح، وإن لم يسلم من الركعتين، لأن فرض المسافر عندهم ركعتان، والقصر عزيمة، فإن صلى المسافر أربعًا، وقعد في الأولى صحت صلاته، وكانت الأخريان له نافلة، وقد ذهل عن هذا جماعة من شراح الحديث، ومنهم النووي، وقالوا‏:‏ لا يحسن الاستدلال عليهم، إلا بحديث أبي بكرة، أو بحديث جابر، على تقدير أنه سلم في الركعتين، وقد أجاب الطحاوي عن هذا أيضًا بالنسخ، وقد تقدم نزاعهم في ذلك، فإن الطحاوي لما ذكر حديث أبي بكرة، قال‏:‏ يحتمل أن يكون ذلك وقتًا، كانت الفريضة تصلى مرتين، فإن ذلك كان يفعل أول الإِسلام، ثم نهى عنه ‏[‏قلت‏:‏ يرده ما قال ابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 227 - ج 4، فهذا آخر فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، لأن أبا بكرة شهده، وإنما كان إسلامه يوم الطائف، بعد فتح مكة، وبعد حنين، اهـ‏.‏ وأيضًا قد أخرج ابن حزم باسناده عن أبي بكرة أنه صلى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلاة الخوف، فذكر الحديث‏.‏‏]‏، ثم ذكر حديث ابن عمر‏:‏ نهى أن يصلى فريضة في يوم مرتين، قال‏:‏ والنهي لا يكون إلا بعد الإِباحة، واللّه أعلم‏.‏

أحاديث إقامة الجماعة مرتين في المساجد‏:‏ منعها مالك، وأجازها الباقون، والحجة عليه ما أخرجه الترمذي في ‏"‏كتابه ‏[‏في ‏"‏باب الجماعة في مسجد قد صلى فيه مرة‏"‏ ص 30، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 209، وأبو داود ص 11 في ‏"‏باب إذا يجمع في المسجد مرتين‏"‏ ص 92، وابن جارود في ‏"‏المنتقى‏"‏ ص 168، والدارمي‏:‏ ص 165، وسيأتي الحديث‏:‏ ص 291‏.‏

‏]‏‏"‏ عن سليمان الأسود عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري‏:‏ أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أبصر رجلًا يصلي وحده، فقال‏:‏ ‏"‏ألا رجل يتصدق على هذا، فيصلي معه‏؟‏‏!‏‏"‏، انتهى‏.‏ ورواه ابن خزيمة‏.‏ وابن حبان‏.‏ والحاكم في ‏"‏صحاحهم‏"‏، قال الحاكم‏:‏ حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه، وسليمان الأسود، هو ابن سخيم، وقد احتج به مسلم، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن، وفي الباب عن أبي أمامة‏.‏ وأبي موسى‏.‏ والحكم بن عمير، انتهى‏.‏ ورواه أبو داود، واللفظ المذكور له، ولفظ الترمذي، قال‏:‏ جاء رجل، وقد صلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ ‏"‏أيكم يتجر على هذا‏؟‏‏"‏ فقام رجل فصلى معه، انتهى‏.‏ وفي رواية البيهقي ‏[‏في ‏"‏السنن‏"‏ ص 70‏.‏‏]‏ أن الذي قام فصلى معه أبو بكر رضي اللّه عنه، واللّه أعلم‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه ‏[‏في ‏"‏باب الصلاة في جماعة‏"‏ ص 103‏]‏‏"‏ عن محمد بن الحسن الأسدي عن حماد ابن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلًا جاء، وقد صلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقام يصلي وحده، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من يتجر على هذا، فيصلي معه‏؟‏‏"‏، انتهى‏.‏ وسنده جيد‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني أيضًا ‏[‏ص 103 ‏.‏‏]‏ عن الفضل بن المختار عن عبيد اللّه بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي، قال‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قد صلى الظهر، وقعد في المسجد إذ دخل رجل يصلي، فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏الا رجل يقوم فيتصدق على هذا، فيصلي معه‏؟‏‏"‏، انتهى‏.‏ وهو ضعيف بالفضل بن المختار، قال ابن عدي‏:‏ الفضل بن مختار أحاديثه منكرة، وقال أبو حاتم الرازي‏:‏ هو مجهول، وأحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل، قاله ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏، ونقل عن أبي حنيفة أنه قال‏:‏ لا يجوز إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب‏.‏

حديث آخر‏:‏ رواه البزار في ‏"‏مسنده ‏[‏قال الهيثمي في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 45 - ج 2‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏الكبير‏"‏ وفيه محمد بن عبد الملك أبو جابر، وقال أبو حاتم‏:‏ أدركته، وليس بالقوي في الحديث، ورواه البزار، وفيه الحسين ابن الحسن الأشقر، وهو ضعيف جدًا، وقد وثقه ابن حبان‏.‏ اهـ‏.‏

‏]‏‏"‏ حدثنا محمد بن أشرس حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك حدثنا الحسن بن أبي جعفر عن ثابت عن أبي عثمان عن سليمان أن رجلًا دخل المسجد، والنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قد صلى، فقال‏:‏ ‏"‏ألا رجل يتصدق على هذا، فيصلي معه‏؟‏‏"‏، انتهى‏.‏ وسكت عنه‏.‏

- الحديث الثاني والسبعون‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏من أمَّ قومًا، ثم ظهر أنه كان مُحْدِثًا، أو جنبًا أعاد صلاته، وأعادوا‏"‏، قلت‏:‏ غريب، وفيه أثر عن علي، رواه محمد بن الحسن في ‏"‏كتابه الآثار ‏[‏باب ما يقطع الصلاة‏"‏ ص 27، والدارقطني‏:‏ ص 139 من طريق عاصم بن ضمرة‏.‏‏]‏‏"‏ أخبرنا إبراهيم بن يزيد المكي عن عمرو بن دينار أن علي بن أبي طالب، قال في الرجل يصلي بالقوم جنبًا، قال‏:‏ يعيد، ويعيدون، انتهى‏.‏